تتوالى التطورات والاحداث عندنا ومن حولنا الاّ أنّ لا تحولات في الستاتيكو القائم على قاعدة: »انهيار لبنان ممنوع، وقيامته مرجأة«. إلى متى؟
»الى ما بعد استقرار القرار الدولي على مصير سوريا«. هذا ما يجيب به سياسي لبناني عتيق، او انه احد القلة العتاق الذين لا يزالون يراقبون الوضع »من فوق« اي من خارج »قواعد« المصالح الخاصة التي هي »اساس اللعبة« في هذا الوطن الصغير المعذب الذي بتنا نترحم فيه على زمنٍ مضى، كثيرا ما كنا نشتكي منه ونكتب فيه مطولات القدح والانتقاد الشديد ... حتى كلما مرّ يوم جديد علينا رحنا نستعيد ذلك الماضي فنراه جميلا جدا قياسا الى هذا الحاضر الذي يبدو القوم فيه وكأنهم من كوكب اخر ... وهم ما يطيب لنا ان نسميهم بــ»الجيل السياسي الهجين« في معظمه الذي لم يرَ في وطن الارز سوى حفنة مكاسب يكون الولاء لها وليس له.
منذ البداية لم نعلّق كبير آمال (ولا حتى صغيرها) على الهمروجة المستمرة (ظاهريا لا فعليا) بدعوى البحث في انجاز قانون جديد للانتخابات. كنا، كما معظم اللبنانيين، نعرف انهم غير جادين كي لا نستخدم تعبيرا آخر. كنا واثقين بأنهم لا يريدون تغيير هذا القانون لاسباب عديدة ابرزها: انهم لا يثقون بالناس، ناسهم قبل ناس سواهم، وانهم هنا (في النيابة وفي السلطة وفي النفوذ) بموجب هذا المسمّى قانون الستين، فلماذا يتخلون عنه؟ ولماذا يريدون نتاج انماط حديثة من اهل السلطة؟ وماذا يعني لهم ان النظام الذي تُـجرى الانتخابات النيابية بموجبه لم يعد معمولا به الاّ في البعض القليل من البلدان المغرقة في التخلف، ما دام هذا القانون يوفر لهم اعادة استئثارهم بالسلطة وبالنفوذ وبالخيرات العميمة فيما الاجيال الطالعة تتكدس صفوفا امام السفارات والقنصليات بحثا عن تأشيرات دخول الى بلدان العالم الواسعة، قريبها والبعيد؟!
لذلك لم يفاجئنا ان ترفع اللجان المشتركة، واللجنة الفرعية الموسعة المنبثقة منها اجتماعها الذي كان مقررا اليوم الى امد طويلٍٍ ليس ما ينبئ بأنهم سيتوصلون فيه الى نتيجة ما.
ولكنهم، في اي حال، سيجدون انفسهم أمام الانتخابات النيابية العامة في الربيع المقبل. ولو انصفوا، او لو طبقوا النصوص بحذافيرها، نصا وروحا لكانوا استعدوا لاجراء هذه الانتخابات خلال الاسابيع المقبلة، لان المجلس بات بحكم المنحل، وبالضرورة التي يفرضها نصّ قرار المجلس الدستوري، الذي ربط نهاية الولاية الممددة الثانية للمجلس النيابي بزوال الاسباب الاستثنائية »فورا«. وعندما كتبنا مثل هذا الكلام فور انتهاء الجولة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في »ظروفٍ طبيعيةٍ« انتقَدَنا البعض، لتتوالى لاحقا، وحتى اليوم، الدراسات القانونية التي تؤكد على ما ذهبنا اليه.
لقد »نجحوا« في تفويت فرصة سنّ قانون عصري للانتخابات النيابية.
و»نجحوا« في تجاوز النص الصادر في قرار المجلس الدستوري، وهو ملزم .... ولكنهم لن ينجحوا، ابدا، في الحصول على تمديد ثالث للولاية النيابية المنتهية منذ العام 2013 بعد التمديدين الاثنين.
ومن اسف فإن لبنان ليس محكوما بهم وحسب، بل هو محكوم ايضا بأن يكون في آخر قائمة الدول المتخلفة التي تجعل من يحصل على 50.01 بالمئة يستأثر بالمقاعد كلها على حساب الذي يحصل على 49.99 %.